حتى يغيروا ما بأنفسهم
"عندما كنت صغيراً، كنت أحلم بتغيير العالم، وعندما كبرت، أدركت أن العالم كبير جداً، وأن ذلك شديد الصعوبة، فحلمت بتغيير مدينتي، لكن ذلك كان صعباً أيضاً، فقررت تغيير عائلتي، لكني بعد ذلك أدركت في وقت متأخر جداً، أنني كان يجب أن أبدأ بتغيير نفسي..."
هذه الآية وهذا المثال هما، بوصفة خبير، أفضل مهدئ لأي عقل يفكر ولو للحظة، بأن يثور وأن يغير. "لا تفكر بتغيير أي شيء، قبل أن تغير نفسك أولاً". كلما ثار عقلك، كلما رغبت بالتغيير، كلما احتدمت فيك نار الهمة، وجدت من يقول لك: ((حتى يغيروا ما بأنفسهم)). لتعود إلى النوم من جديد، بانتظار اللحظة السحرية التي يكون "ما في نفسك" قد تغير، ليتغير حالك من بعدها.
ولكن، لنفكر قليلاً، إذا اتبعت هذه العقلية، فمتى يمكنني أن أبدأ بتغيير ما حولي؟ متى يمكنني أن أعرف وأتيقن أنني قد "غيرت ما في نفسي"، وآن الأوان لأغير ما حولي؟ اليوم لا يمكنني أن أناضل ضد الفساد لأنني تأخرت في صلاة المغرب، وغداً لأنني نظرت إلى فتاة، وبعده لأني سببت سائقاً أرعن... المشكلة الأساسية هنا أن ما من أحد كامل، وأن كلاً منا له تقصيراته وهفواته وأخطاؤه، وأنه ما من الممكن الوصول إلى مرحلة يمكنك أن تعتبر فيها أنك قد أدركت الدرجة اللازمة من الصلاح لتبدأ بإصلاح ما حولك. هذه العقلية تفرض عليك ألا تفكر بإصلاح أو تغيير أي شيء حولك، قبل أن تدرك حداً مبهماً غير قابل للقياس، بل إن محاولة قياسه بذاتها تعتبر نوعاً من التكبر (هل هناك إنسان صالح يستطيع أن يقول أنا صالح؟). هذه العقلية، تستغل شعوراً بالذنب والتقصير لا يفارق أياً منا، لتقعده عن محاولة تغيير أي شيء في مجتمعه، فما الحل إذاً وما المخرج؟
الحل بأن نعي أن نقصنا جزء من إنسانيتنا، وأن ذلك يجب ألا يمنعنا عن محاولة التغيير داخلياً وخارجياً، وأننا إن أردنا الاستفادة من هذا المثل أو هذه الآية، فيجب أن نضعها في سياقها. أجل، ليس من المعقول أن نشكو من الرشوة إن كنا نرشو أو نرتشي، وليس من المعقول أن نحارب الظلم إن كنا من الظالمين. فبالتالي، علينا تغيير أنفسنا في السياق المحدد الذي نريد العمل عليه، قبل أن نبدأ بتغيير غيرنا. وهذا صحيح، يجب أن نتوقف عن الرشوة مثلاً قبل أن نحارب الفساد. أما العقلية الأخرى، عقلية انتظار أن نصبح ملائكة على الأرض قبل أن نبدأ بعمل أي شيء، فما هي إلا جرعة مكثفة من الأفيون.
Bro this is the explanation of the verse:
ReplyDeleteثم ساق - سبحانه - سنة من سننه التى لا تتخلف فقال : ( إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حتى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سواءا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ ) .أى : إن الله - تعالى - قد اقتضت سنته ، أنه - سبحانه - لا يغير ما بقوم من نعمة وعافية وخير بضده ، حتى يغيروا ما بأنفسهم من طاعة إلى معصية؛ ومن جميل إلى قبيح ، ومن صلاح إلى فساد .وإذا أراد - سبحانه - بقوم سوءا من عذاب أو هلاك ما يشبهها بسبب إيثارهم الغى على الرشد ، فلا راد لقضائه ، ولا دافع لعذابه .وما لهم من دونه - سبحانه - من وال أى من ناصر ينصرهم منه - سبحانه - ويرفع عنهم عقابه ، ويلى أمورهم ويلتجئون إليه عند الشدائد .فالجملة الكريمة بيان لمظهر من مظاهر عدل الله فى شئون عباده ، وتحذير شديد لهم من الإِصرار على الشرك والمعاصى وجحود النعمة ، فإنه - سبحانه - لا يعصم الناس من عذابه عاصم . ولا يدفعه دافع
Thank you for your comment Hani. As I mentioned, my article is not blaming the verse itself, rather a method of understanding it in a very counterproductive way that people use all the time. Unfortunately, people keep using it to avoid doing actual work; they use it to just keep sitting on their butts doing nothing.
DeleteI mentioned in the end of the article that we need to use this verse in its right context, and it will help us and move us forward, but used in the wrong context - as many, many people do - will make it very counterproductive.